عرض المقال
غلطة مرسى الكبرى والدورة الدموية الصغرى
2013-03-19 الثلاثاء
أخطأ الدكتور مرسى فى خطاب الدكتوراه الفخرية الفلسفية والقبعة السلطانية الباكستانية حين ذكر أن البيرونى هو مكتشف الدورة الدموية الصغرى!، فإذا كان د.مرسى يقصد عالماً مسلماً فهو ابن النفيس وليس البيرونى، فالأخير الذى ذكره فى الخطاب عالم فلك وهو الذى ناقش دوران الأرض حول محورها ولم يناقش أبداً لا من قريب ولا من بعيد مسألة الدورة الدموية الصغرى، أما من اكتشفها وصحح مفاهيم مغلوطة كثيرة منسوبة للطب وقتها فهو ابن النفيس، فقد كان الأطباء قبله حتى جالينوس وأبقراط وابن سينا أستاذ ابن النفيس نفسه لديهم اعتقادات خاطئة عن الدورة الدموية، منها أن الدم مصدره الكبد وأن القلب مجرد جيب بارز من الوريد الأجوف وأن الشرايين بها هواء وليس دماً.. إلى آخر هذه المعتقدات الخاطئة، وجاء ابن النفيس ليضع اللبنات الأولى لفهم الدورة الدموية الصغرى بمحطاتها الأساسية التى تشتمل على القلب والرئتين.
لو كان الخطاب شفهياً لقلنا إنه زلة لسان وجَلَّ من لا يسهو وتمر المسألة بسلام، ولكن الخطاب مكتوب ومعناه أن مستشارى الرئيس وكتبة خطاباته عندهم متسع من الوقت للكتابة والتدقيق والتمحيص والمراجعة التى لن تحتاج جهداً، فهناك مكتبة الرئاسة وهناك الإنترنت وهناك التليفون الذى نستطيع أن نهاتف من خلاله عالماً متخصصاً، وهناك وهناك آلاف الوسائل لمزيد من الدقة، ولكنها السربعة والسلق والعشوائية، هم ورئيسهم يقولون لأنفسهم لماذا الإجادة؟، ليه البرفيكشن ما دمنا بنعمل اللى عايزينه؟، ليه نتعب نفسنا ما دامت الأمور بتعدى وكله عند العرب صابون؟!، هى ليست مجرد لقطة طريفة أو إفّيه باسم ولكنها إشارة ودلالة لمنهج ورؤية تحكم بيت الرئاسة، الخطاب للأسف ركيك ومدرسى ولا يتفق مع مكانة مصر التى كانت باكستان تنظر إليها كقدوة ونموذج يحتذى، الأداء مضطرب وفاقد لأى تأثير، ليست القضية فى هذه الجملة أو تلك العبارة، ولكن المشكلة فى البصمة، لن يترك الخطاب ولن تترك الزيارة أى بصمة، وللأسف باكستان، التى كان أول قرارات الرئيس هى عودة الإرهابيين من على حدودها ليسكنوا عقولنا وفضائياتنا ويشوهوا وجداننا، هذه الباكستان ليست الهند بإبداعها وتفوق اقتصادها وعلمها ولن يمنحنا التعاون معها أى نهضة علمية للأسف، الصدفة فقط هى التى جعلت عالمها الفذ محمد عبدالسلام يعود من بلاد النور لخدمة وطنه فى أعظم مجالات العلم وهى الفيزياء لكنه كان فرداً لم يؤثر فى التيار العام للفكر العلمى الباكستانى فامتلأت باكستان بخزعبلات التطرف لدرجة انعقاد مؤتمر علمى لمناقشة استخراج الطاقة من الجان -راجع كتاب «الإسلام والعلم» تأليف برويز أمير على وتقديم محمد عبدالسلام نفسه وترجمة د.محمود خيال، يقول الكتاب «سنة 1991 ونزولاً على أوامر الرئيس ضياء الحق القاضية بأسلمة حياة البلاد أسلمة كاملة، بما فى ذلك مناهج التعليم، عكفوا على اكتشاف التركيب الكيماوى للجن لاستخراج الطاقة الكامنة فيه وتسخيرها فى سبيل حل أزمة الطاقة التى تعانيها البلاد».
الخطأ الأكبر من خطأ نسبة اكتشاف الدورة الدموية للبيرونى هو خطأ أن نتصور أن باكستان هى قبلتنا العلمية أو منقذنا من التخلف الذى غرقنا فيه، إنها ليست طوق نجاة بل هى مركب مثقوب مثلنا بالضبط وإيش ياخد الريح المصرى من البلاط الباكستانى.